> هشام عطيري:
من قرية الخلّة.. اكتشاف مادة طبيعية بديلة للجص والأسمنت الأبيض
18 أسرة فقط.. نزوح كبير من قرية الخلّة بسبب الإهمال التنموي
خطر التآكل يهدد الغيول الدائمة في قرية الخلّة بردفان > في مديرية ردفان تتميز العديد من المناطق بجمال طبيعتها وثرائها الزراعي وثرواتها الطبيعية. ومن بين تلك المناطق قرية الخلّة، التي زارتها "الأيام"، وهي قرية تقع على بعد حوالي 10 كيلومترات من عاصمة المديرية الحبيلين. يمكن الوصول إلى القرية عبر طريق أسفلتي يربط مناطق مركز الجبل (ظاهرة البكري)، حيث يتفرع منه طريق فرعي جبلي وعر. وتُعد الدراجات النارية الوسيلة الأكثر انتشارًا وسرعة للوصول إلى القرية، شأنها شأن العديد من القرى الأخرى في ردفان.
يقول الشيخ عثمان القلعة، أحد أعيان القرية، إن الخلّة تقع إلى الشرق من جبل البدوي الشهير، الذي شهد استشهاد أول شهيد لثورة 14 أكتوبر، الشهيد راجح غالب لبوزة، وتمثل القرية امتدادًا لقرية صمعان المجاورة. ويوضح القلعة أن قرية الخلّة غنية بالثروات الطبيعية التي قد تحسن مستوى معيشة السكان إذا ما استُغلت بشكل جيد، إلا أن هذه الموارد لم يتم استثمارها حتى الآن.

قرية الخلّة
ويضيف الشيخ القلعة أن قرية الخلّة تتميز بوجود غيول دائمة الجريان، تتمتع بمياه عذبة، وأراضٍ زراعية خصبة تُزرع فيها معظم أنواع الفواكه والخضروات والحبوب. ويمارس سكانها تربية الدواجن. إضافة إلى ذلك، تحتوي القرية على أشجار معمرة شاهقة، لا يُعرف عمرها الحقيقي، حيث يُعتقد أنها تعود لمئات السنين وفقًا للروايات المحلية.
ومع ذلك، تواجه القرية عدة تحديات، أبرزها صعوبة ضخ المياه بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وتكاليف نقل المنتجات الزراعية، مما يقلل من العائد الاقتصادي لتلك المنتجات، وأن القرية تمتلك حاجزًا طبيعيًا للمياه، إلا أنه تعرض للتآكل وجرف السيول، مما يهدد الغيول بالجفاف. في هذا السياق ناشد الشيخ القلعة الجهات المختصة التدخل لصيانة الحاجز وإنقاذ الموارد المائية للقرية.
- مراعي مفتوحة ومحاجر البناء
قرية الخلّة، الواقعة في مديرية ردفان، تبرز كواحدة من المناطق الغنية بمواردها الطبيعية وتنوعها البيئي. تشتهر القرية بوجود مراعي مفتوحة غنية تُستخدم لرعي الأغنام، إلى جانب احتوائها على محاجر تضم أجود أنواع أحجار البناء، التي تُنقل بكميات كبيرة إلى مختلف المحافظات. كما تحتضن القرية جبلًا أثريًا يضم بقايا مدينة قديمة محصنة يُعتقد أنها تعود إلى ما قبل الإسلام، بالإضافة إلى وجود مقابر قديمة تضيف طابعًا تاريخيًا للمنطقة.

وفي تطور مثير، اكتشف سكان القرية مادة طبيعية يُطلق عليها اسم "المعجون"، وهي ثروة جديدة ومبشرة، حيث يستفيد منها السكان في طلاء منازلهم بطريقة سهلة وبدون تكلفة. يوضح المواطن صالح أسعد أن هذا الاكتشاف جاء عبر الأهالي الذين استخرجوا المادة من الصخور الموجودة في الجبال المحيطة بالقرية. يتم استخراج المادة الصلبة من الصخور، ثم تُحرق بالنار لتتحول إلى مادة بيضاء تشبه الجص أو الأسمنت الأبيض، تُستخدم على شكل معجون طبيعي في المنازل.

ويُضيف صالح أن تجربته لهذه المادة في منزله كانت ناجحة، حيث استطاع تحقيق نتائج ممتازة، مما دفع الأهالي لاستخدامها بشكل واسع لتغطية جدران منازلهم. تعتبر هذه المادة خيارًا اقتصاديًا مثاليًا للسكان، حيث تُغنيهم عن تحمل تكاليف إضافية.

ورغم مساحتها الصغيرة التي لا تتجاوز 4 كيلومترات مربعة، إلا أن قرية الخلّة تحتضن ثروات طبيعية واعدة لم تُستغل بعد بشكل كامل. تُمثل وعورة الطريق المؤدي إلى القرية العقبة الأساسية التي تقف أمام استغلال هذه الموارد، إذ تعاني القرية من عزلة شديدة نتيجة ضعف البنية التحتية، وقد أجبر ذلك العديد من الأسر على النزوح، في ظل غياب المشاريع الحيوية التي تقدمها الدولة والمنظمات الإنسانية، ما يجعل هذه المنطقة بحاجة ماسة إلى دعم فوري لتنمية مواردها واستثمار ثرواتها بشكل مستدام.
- 150 ألف ريال استئجار السيارة
يكشف المواطن علي محمد صالح عن معاناة سكان قرية الخلّة بسبب وعورة الطرق، حيث تصل تكلفة استئجار سيارة لنقل مريض من القرية إلى مركز المديرية إلى ما بين 100 و150 ألف ريال، وهو عبء كبير على الأهالي، ورغم ما تزخر به القرية من ثروات طبيعية مثل الثروة الحيوانية والزراعية والخامات الغنية في أراضيها، إلا أنها لم تُستغل حتى الآن، مما يستدعي تحسين الوضع المعيشي والخدمات الأساسية فيها.

- معاناة الطلاب مع وعورة الطريق
- نزوح السكان وضعف الخدمات
- نداء لتحسين الوضع التنموي
يُطالب أهالي الخلّة عبر صحيفة "الأيام" الجهات المختصة بالنظر في معاناتهم وإصلاح الطريق، الذي يعد الشريان الوحيد الذي يربط القرية بالعالم الخارجي، ويناشدون تزويد المزارعين بمنظومات للطاقة الشمسية لضخ المياه إلى الأراضي الزراعية، مما يساعد في خفض تكاليف الإنتاج ويعزز تسويق المنتجات الزراعية.

- قرية غنية بالإمكانات
قرية الخلّة تمتلك إمكانات هائلة غير مستغلة، بدءًا من الثروات الطبيعية والزراعية مرورًا بالمراعي المفتوحة وأشجارها المعمرة، وانتهاءً بموقعها السياحي المتميز.

إن استغلال هذه الموارد بشكل علمي ومدروس كفيل بتحويل القرية إلى نموذج تنموي يعيد الحياة لسكانها، ويجذب السكان الذين غادروها إلى العودة، مما يضعها على خارطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
